مجدى سالم مراقب عام
عدد المساهمات : 457 POINT : 1010 تاريخ التسجيل : 08/08/2009
| موضوع: ملف عن شهر الصوم المبارك.. { رمضان.. منجم الكنوز الثمينة السبت أغسطس 08, 2009 7:50 am | |
| ملف عن شهر الصوم المبارك.. { رمضان.. منجم الكنوز الثمينة }.. المشاركة مطلوبة. ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾رمضان في القرآن الكريمالحمد لله رب العالمين فضّل شهر رمضان على غيره من الشهور واختصه بإنزال القرآن فيه، فرض صيامه وجعله من آكد أركان الإسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:فيقول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183) أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (184) شهـر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون﴾[البقرة:183-185].صوم شهر رمضان المبارك هو الركن الرابع من أركان الإسلام وقد كتبه الله على هذه الأمة وقوله: (كتب) بمعنى فرض، فالصيام مفروض على هذه الأمة كما هو مفروض على من قبلها من الأمم وإن اختلفت كيفيته ووقته.وقد فرض الصيام على هذه الأمة في السنة الثانية من الهجرة،وصام رسولنا (صلى الله عليه وسلم) تسعة رمضانات.والصوم هو الإمساك عن المفطرات بنية خالصة لله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. أو هو الكف عما أمر الله بالكف عنه في وقت مخصوص، وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولا شك أن للصوم حكمًا عظيمة فمن هذه الحكم والفوائد:
أنه عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه بترك محبوباته من طعام و شراب ونكاح، لينال بذلك رضى ربه، وخالقه والفوز بدار كرامته، وهو بهذا العمل يقدّم محبوبات ربه على محبوبات نفسه. ومن فوائده وحكمه: أنه سبب للتقوى إذا قام الصائم بصيامه، كما قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾فبيّن سبحانه في هذه الآية أن الصيام سبب للتقوىـ والتقوى كلمة جامعة لكل خير، وهي فعل أوامره وترك مناهيه رجاءً لثوابه وخوفًا من عقابه. والصائم مأمور بتقوى الله جل وعلا وهي المقصود الأعظم بالصيام، ولذا قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيما صح عنه: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) وقول الزور: كل قول محرم، والعمل بالزور: العمل بكل فعل محرم، والجهل السفه، وهو مجانبة الرشد في القول والعمل، فإذا حرص الصائم على صيامه وابتعد عن هذه الأمور حصلت له التقوى، وكان الصيام تربية لنفسه وتهذيبًا لأخلاقه وسلوكه، وكان سببًا في زكاة نفسه وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة. ومن فوائد الصيام وحكمه أيضًا: أنه يرقق القلب ويلينه ويتخلى القلب للذكر والفكر. ومن فوائده وحكمه أيضًا: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه حيث يسّر الله له كل ما يشتهيه من الطعام والشراب وغيره، فإذا امتنع عن ذلك في وقت مخصوص وحصل له جوع أو عطش تذكر بذلك من منع من ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر هذه النعمة ويحمله ذلك على مواساة أخيه المحتاج والإحسان إليه. ومن فوائده الروحية: أنه يعوّد على الصبر ويمرّن نفسه على ضبطها والسيطرة عليها حتى يتمكن من قيادتها لما فيه خيرها وسعادتها في الدارين، ولا أدل على ذلك من ترك الصائم ما تشتهيه نفسه، وتطويعها لما أمر به. ومن فوائد الصوم وحكمه: أن الصيام الخالص والصيام الحقيقي يورث في القلب حب الطاعة وبغض المعصية. ومن فوائده أيضًا: أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم فتسكن بالصيام وساوس الشيطان، وتنكسر قوة الشهوة والغضب، ولهذا جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) الصوم وِجَاء، لقطعه شهوة النكاح. ومن فوائده أيضًا: ما يحصل من الفوائد الصحية الناتجة عن تقليل الطعام وتنظيمه وإراحة الجهاز الهضمي لفترة طويلة. يتبع | |
|
مجدى سالم مراقب عام
عدد المساهمات : 457 POINT : 1010 تاريخ التسجيل : 08/08/2009
| موضوع: رد: ملف عن شهر الصوم المبارك.. { رمضان.. منجم الكنوز الثمينة السبت أغسطس 08, 2009 7:51 am | |
| هذه أهم الفوائد والحِكم الظاهرة من الصيام. تفسير الآية : يقول تعالى مخاطبًا عباده المؤمنين ومناديًا لهم بهذا النداء الحبيب إليهم ( الإيمان ) : ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ثم يقرر لهم هذا الفرض وهو الصيام والمؤمن سامع مطيع كيف وهو منادى من خالقه وهاديه للإيمان فلا يسعه إلا السمع والطاعة. ثم يبيّن أن هذا الصيام عبادة مكتوبة على الأمم السابقة والشيء إذا عمّ سهل فعله على النفوس وكانت طمأنينتها به أكثر فالصيام فريضة على جميع الأمم قبلنا ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾. ثم يبيّن العلّة وهي : التقوى ( لعلكم تتقون ) إبرازًا للغاية العظمى من الصوم، فالتقوى هي ثمرة هذه العبادة العظيمة التي يؤديها العبد طاعة لله وإيثارًا لرضاه، والتقوى هي الحارس للقلب والجسد بأكمله من إفساد هذه الطاعة فكلما همّ بما يفسده منعته تقواه من ذلك. والتقوى لها منزلتها عند المؤمنين ويعرفون وزنها عند الله فهي مطمع لكل مؤمن والصوم يوصل إليها ( لعلكم تتقون ). ثم أيضًا كونه أيامًا معدودات. فليس الدهر كله بل هي أيام معدودة وهي شهر رمضان كما بيّنها في الآية الثانية ( شهر رمضان ) ومع قلة هذه الأيام المعدودة فقد أعفي من وجوب أدائِه المرضى حتى يصحّوا والمسافرون حتى يقيموا وهذا كله تحقيقًا لليسر، يقول تعالى: ﴿فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر﴾. والمريض إذا كان مرضه مزمنًا لا يرجى زواله فلا يلزمه الصوم ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكينًا لكل مسكين ربع صاع من البر الجيد ويحسن أن يكون معه إدام كلحم ونحوه. وكذلك الكبير العاجز عن الصوم فيطعم عن كل يوم مسكينًا، أما المريض الذي يرجى زوال مرضه فإن كان لا يشق عليه الصوم ولا يضره فيجب عليه الصوم، وإن كان يشق عليه الصوم فيكره صومه وإن كان يضره الصوم فيحرم عليه الصوم، ويبقى في ذمته حتى يعافى ويقضي ما فاته أثناء مرضه. ثم يقول تعالى: ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ..﴾. أي وعلى الذين يستطيعون الصوم إن أفطروا إعطاء فدية والصوم خير من الفدية. وكان هذا في أول الإسلام عندما فرض عليهم الصيام ولم يتعودوه بهذه الكيفية فـرخّص لهم في الإفطار والفدية لمن شاء ومن شاء صامه روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية بعدها فنسختها فهي رخصة في أول الأمر فرفعت هذه الرخصة عن الصحيح المقيم، وبقيت للشيخ الكبير الذي يجهده الصوم ولا ترجى له حالة يكون فيها قادرًا على الصيام كما فعل أنس بن مالك (رضي الله عنه) في آخر عمره عندما كبر حتى كان لا يقدر على الصيام فكان يفتدي عامًا أو عامين. ثم يقول تعالى: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ..﴾ وهذا تحبيب وترغيب في أداء هذه الفريضة وهو بيان للأيام المعدودات بأنها شهر رمضان. وقوله ﴿أنزل فيه القرآن﴾ فقد نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان. وهذا القرآن كلام الله الجليل الذي أخرج به الناس من الظلمات إلى النور وهداهم إلى أحسن الطرق وأقومها. إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم فهو رشاد للناس إلى سبيل الحق وقصد المنهج، وهو مع ذلك آيات بينات واضحات من الهدى والبيان الدال على حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه والفصل بين الحق والباطل. ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾ فمن كان حاضرًا مقيمًا في البلد حين دخول الشهر وهو صحيح في بدنه فعليه الصوم، أما من كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وهذه رخصة لمن هذه حاله وأعيد ذكر هذه الرخصة مرة ثانية لئلا يفهم من قوله: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾ وقوله قبلها : ﴿وأن تصوموا خير لكم﴾ أن الصوم حتم لا تتناوله الرخصة بوجه. وهذا كله من إرادة الله اليسر بهذه الأمة: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾. وهذا من فضل الله علينا، ورحمه بهذه الأمة في التكليف وهذه هي القاعدة في تكاليف هذا الدين أنها ميسرة لا عسر فيها فالمسلم الذي يؤدي هذه التكاليف يحس برحمة الله وإرادته اليسر والخير بعباده المؤمنين ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾. ثم يقول تعالى: ﴿ولتكملوا العدة﴾ أي إنما أمر بالقضاء لتكملوا عدة الشهر فلا يضيع الأجر على من كان مريضًا أو مسافرًا. ثم أمر الله جل وعلا بتكبيره وشكره وحمده على هدايته وقد أمر جل وعلا بذكره عند انقضاء كل عبادة ففي الحج قال: ﴿فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا﴾. وبعد صلاة الجمعة قال: ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون﴾، ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية: ﴿ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم﴾. وقوله: ﴿لعلّكم تشكرون﴾أي إذا قمتم بما أمركم الله من طاعته بأداء فرائضه وترك محارمه وحفظ حدوده فلعلكم أن تكونوا من الشاكرين. فتشكرون الله على هذه النعمة،نعمة أداء هذه الفريضة ونعمة التقوى ونعمة إتمام الصوم وتكبير الله في آخره، ونعمة اليسر في أداء هذه العبادة فهي نعم تترى على المسلم تستلزم الشكر لمسديها. ومن فوائد هذه الآيات :-
أن صيام شهر رمضان واجب على الأمّة. إباحة الفطر في رمضان للمريض والمسافر، وأنه يجب عليهما القضاء بعدد الأيام التي حصل فيها الفطر. أن من أفطر في أيام رمضان بعذر فعليه القضاء ولا يشترط فيه التتابع لقوله تعالى: ﴿فعدة من أيام أخر﴾ولم يشترط التتابع أو المبادرة بهن بعد زوال العذر مباشرة. فضل شهر رمضان وتخصيصه بابتداء إنزال القرآن فيه لهداية العباد وإخراجهم من الظلمات إلى النور. يؤخذ من هذه الآيات : يسر الإسلام وسماحته في جميع تكاليفه، حيث لم يكلف أحدًا ما لا يطيق. مشروعية التكبير بعد إكمال العدة للشهر. وجوب شكر الله على نعمه بالتوفيق للصيام وأعمال الخير الأخرى
""""""""""""""يتبع"""""""""""" | |
|
مجدى سالم مراقب عام
عدد المساهمات : 457 POINT : 1010 تاريخ التسجيل : 08/08/2009
| موضوع: رد: ملف عن شهر الصوم المبارك.. { رمضان.. منجم الكنوز الثمينة السبت أغسطس 08, 2009 7:52 am | |
| د. علي بن عمر بادحدح [center] [size=16]يرتبط المنجم في الأذهان باستخراج بعض خيرات الأرض وحصول النعمة والثراء، والغالب أن يكون المنجم مختصًّا بنوع واحد من تلك الخيرات، فكيف إذا احتوى أكثر من نوع، وكلُّها غالية الثمن نفيسة القيمة عظيمة النفع؟! وكيف إذا كان استخراج تلك الكنوز سهلاً ميسورًا لكل أحد دون حاجة لتخصص دقيق، ولا جهد كبير!!. لا شك أن الجميع سيكونون حريصين على أن يكون لهم النصيب الأعظم من كنوز المنجم الثمينة. المنجم أمام عي***، وتحت قدميك، وبين يديك، وهو طوع أمرك، ورهن إشارتك، ألست تراه؟، ألا تبدو لك كنوزه المتنوعة؟، ألا تغريك ثروته الغالية؟، انتبه... ما لك؟! ألا تُبصر الجموع الغفيرة تُقبل عليه وتأخذ منه؟، ألم يتكرر هذا المشهد أمامك كثيرًا؟!، إنه منجم... لا لن أسميه لك بل سأنتقل إلى عرض بعض كنوزه فذلك أولى وأجدى. كنز الفضائل والخصائص
مغفرة: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) [متفق عليه]. تكفير: (فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة) [متفق عليه]. وقاية: (الصيام جنة وحصن حصين من النار) [رواه أحمد]. مثوبة: (الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها) [رواه البخاري]. خصوصية:رمضان.. منجم الكنوز الثمينة (إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم) [متفق عليه]. شفاعة: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة) [رواه أحمد]. فرحة: (للصائم فرحتان فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه) [رواه مسلم]. تفرد: (عليك بالصوم فإنه لا مثل له) [رواه النسائي].
كنز القرآن والتلاوة {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان [رواه أحمد]. كنز الصلاة والقيام {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} [الإسراء: 79]، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) [متفق عليه]. كنز الذكر والدعاء {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم) [رواه الترمذي]. كنز الجود والإنفاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة) [متفق عليه]. كنز الإرادة والصبر "من حكم الصيام وفوائده العظيمة تقوية الإرادة في النفوس تلك الركيزة العظيمة التي عمل رجال الاجتماع وأصحاب التنظيم العسكري على تقويتها في المجتمع هذا الزمان، وقد سبقهم الدين الإسلامي على ذلك منذ أربعة عشر قريناً تقريباً، وما أحوج المسلم إلى أن يكون قوي الإرادة صادق العزيمة"(1). "الصوم تقوية للإرادة، وتربية على الصبر، فالصائم يجوع وأمامه شهي الغذاء، ويعطش وبين يديه بارد الماء، ويعفُّ وبجانبه زوجته، لا رقيب عليه في ذلك إلا ربه، ولا سلطان إلا ضميره، ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية، يتكرر ذلك نحو خمس عشرة ساعة أو أكثر في كل يوم، وتسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين في كل عام، فأي مدرسة تقوم بتربية الإرادة الإنسانية وتعليم الصبر الجميل، كمدرسة الصيام التي يفتحها الإسلام إجبارياً للمسلمين في رمضان، وتطوعاً في غير رمضان؟!"(2). كنز القوة والحرية "صوم رمضان من هذا الوجه إن هو إلا منهاج يتدرب به المرء على تحرير نفسه والانسحاب بها من أَسْر المادة وظلمة الشهوة، ليحيا ما شاء الله في ملكوت الحياة الحق ويكون له ما شاء الله من خصائص الخير والفضيلة، فالحرية الصحيحة لا يذوقها ولا يقدرها إلا من حيي هذه الحياة"(3). "فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان من سلطان غرائزه، وينطلق من سجن جسده، ويتغلب على نزعات شهوته، ويتحكم في مظاهر حيوانيته، ويتشبه بالملائكة"(4). كنز الرحمة والمساواة "رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية، وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيهم وفقيرهم، فيحس الغني بألم الجوع ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له: أنا جوعان، ويعرف الفقير نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغني يشتهي -على غناه- رغيفاً من الخبز أو كأساً من الماء"(5). "فقرٌ إجباريٌ يراد به إشعار الإنسانية بطريقة عملية واضحة كلَّ الوضوح، أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون، وحين يَتعاطَفُون بإحساس الألم الواحد، لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة"، "ويجعل الناس فيه سواءً: ليس لجميعهم إلا شعور واحد وحس واحد وطبيعة واحدة ويُحكِم الأمر فيحول بين هذا البطن وبين المادة"(6). كنز الخلق والسلوك "المقصود منه السمو بالنفس إلى المستوى الملائكي، وصون الحواس عن الشرور والآثام، فالكف عن الطعام والشراب ما هو إلا وسيلة إلى كف اللسان عن السب والشتم والصخب، وإلى كف اليد عن الأذى، وإلى كف البصر عن النظرة الخائنة، وإلى كف السمع عن الإصغاء للغيبة والنميمة والقول المنكر"(7). "فألزمه سبحانه الصوم حتى إذا جاع وظمئ ذلّت نفسه، وانصدع كبره وفخره، وأحس أنه -مهما أوتي- فهو مسكين تُقعده اللقمة إذا فُقدت، وتُضعفه جرعة الماء إذا مُنعت، هنالك يُطامن من غروره، ويعترف بفضل الله عليه حتى في كسرة الخبز ورشفة البحر، ومتى عرف الله خافه، ومتى خافه استقام على الطريقة، وسار على الجادة، وترك ما كان فيه من بغي واستطالة وعلو في الأرض بغير الحق، وآثر رضوان الله على ترضية نفسه وصار رسول رحمة وسلام لكل من حوله من أبناء الإنسانية"(. وخذ أخيراً هذه الكلمات الجامعة: "للصوم فوائد: رفع الدرجات، وتكفير الخطيئات، وكسر الشهوات، وتكثير الصدقات، وتوفير الطاعات، وشكر عالم الخفيات، والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات"(9). ثم ماذا أيها الأخ الحبيب؟ دونك الكنوز تتلألأ، والثروة تتهيأ، فماذا أنت فاعل؟! إليك هذه الومضات
أخلص نيتك، واستحضر عزيمتك، وزكِّ نفسك، وطهر قلبك، وأجج أشواقك، وأعلن أفراحك. بادر بالتوبة، وأكثر من الاستغفار، وتحلَّ بالإنابة، واذرف دموع الندامة، واستعد لموسم النقاء بغسل الذنوب. احرص في الصلوات على التبكير وإدراك التكبير، والمواظبة على الرواتب، والاستكثار من الرغائب. خذ حظك من قيام الليل، ودعاء القنوت، وطول القيام والسجود، وارفع دعاء الأسحار، واملأ الثلث الأخير بالاستغفار. أدمن التلاوة، ورطب لسانك بالقرآن، وانهل من مائدة الرحمن، ونوِّر الليالي بالتجويد، وعطَّر الأيام بالترتيل. صل رحمك، وزر أقاربك، واعف عمن أخطأ، وتجاوز عمن هفا، واجمع أهل حي، وتقرب من جيرانك، وكرر اللقاء بإخوانك، وخص بمزيد من الود والحب والوصل أهلك وزوجك وأبناءك. اجعل لنفسك مع أهل بيتك برنامجاً إيمانياً لاغتنام الكنوز الثمينة، فجلسة للتلاوة، ولقاء للتاريخ، ورحلة للعمرة، ووقت للقيام، وحلقة للذكر، وفرصة للدرس، ولا تنس أن في الوقت بركة. احسُب زكاتك، واجمع من زكاة أهلك وأقاربك، واستعن بإخوانك على وضعها في مصارفها، وتوصيلها لمستحقيها، واحرص على أن تُبادر وتُنافس في الإنفاق فهذا ميدان السباق. تذكر إخوانك المسلمين المضطهدين والمشردين والمظلومين في العراق وفلسطين وغيرهما، لا تنسهم من دعواتك وزكواتك، وعرِّف بأحوالهم وبيِّن مكر وجرم أعدائهم، واكشف زيف الدعاوى المتعلقة بقضاياهم.
منقول | |
|
مجدى سالم مراقب عام
عدد المساهمات : 457 POINT : 1010 تاريخ التسجيل : 08/08/2009
| موضوع: اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الأحكام الفقهية ، والقيم التربوية السبت أغسطس 08, 2009 7:54 am | |
|
[center][size=24] اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الأحكام الفقهية ، والقيم التربوية
صفة اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم [center][size=24] اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الأحكام الفقهية ، والقيم التربوية
من أهم دواعي الاطمئنان على صحة العمل
[size=24] اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الأحكام الفقهية ، والقيم التربوية ورجاء قبوله عند الله تعالى أن يكون هذا العمل موافقاً للشريعة الشريفة ، لأن الجد والسعي ـ مهما عظم ـ إن عرى عن موافقة الشرع ، عرى عن قبول الله له ، ومن ثمة كان السلف يقولون : ( اقتصاد في سنة، خير من اجتهاد في بدعة ) (1)·
ومن ثمة كان العون من الله تعالى على تعقب الطريقة المحمدية في العبادة والسلوك والمعاملة، وتحري السنة النبوية في جوانب الأعمال الإيمانية المختلفة ـ نقول: كان العون من الله في ذلك مطلب العابدين، وبغية العاملين ـ الأمر الذي يشجع مثلي على تلخيص أهم جوانب الاتباع في عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، تشرفاً بالانتماء إليه، وتزلفاً إلى الله تعالى باتباع هديه·
ولما كان الاعتكاف سنَّة من أطيب السنن العبادية، وطريقة من أمتع الطرق السلوكية والتربوية، كان من الحسن التعرف إلى الهدي النبوي الكريم فيها تسهيلاً لطريق الاتباع وسداً لمسارب الابتداع عسى أن يكتبنا الله في الذين عناهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن الله وملائكته ليصلون على معلمي الناس الخير "(2)·
فريضة قديمة يصح أن نقول: إن اعتكاف النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو من قبيل إحياء السنن القديمة التي ترجع إلى ما قبل سيدنا إبراهيم عليه السلام، يلفتنا إلى ذلك لفتاً شديداً قوله تعالى في سورة البقرة في الآية 125: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود)
· فالعاكفون المذكورون في الآية هم المعتكفون، سواء عبر عنها ابن عباس بأنهم " الجالسون "(3) ، أو عطاء بأنهم " المجاورون بمكة "(4) ، أو ابن عمر بأنهم " الذين ينامون في البيت الحرام " (5) ، ولذلك رجح الرازي أنهم " من يقيم هناك ويجاور "(6) ، وهو المفهوم من اختيار أبي طالب القيسي(7)·
قال أبو محمد عبدالحق بن عطية الغرناطي: " ···· فمعناه لملازمي البيت إرادة وجه الله " (· وكان من دأب النبي صلى الله عليه وسلم إحياء سنن الأنبياء السابقين ـ خصوصاً أباهم إبراهيم عليه السلام ـ صاحب الملة القويمة، والدعوة الكريمة·
من ثم كان الاعتكاف في المسجد هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته التي واظب عليها، إلا أنه اختار لها أياما هي من أعظم الأيام عند الله، وموسماً هو من خير المواسم ـ إن لم يكن خيرها على الإطلاق ـ وهو العشر الأواخر من رمضان، تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله "(9)·
وهذا من منطلق التشمير للطاعات في مواعيد القرب ، والاغتراف من معين البركات حين تتفسح الطرقات ، وتتكشف الأغطية ، وهو من فنون العبادة التي يؤتاها الصادقون في مودتهم مع الله جل وعلا ، ومن فقه الطاعة الذي يمنحه الموفقون في سلوكهم إليه تعالى ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رائدهم وفرطهم ومقدمهم ، به الاقتداء ، ومنه الاهتداء ·
ولعل السيد الجرجاني التفت إلى معنى تربوي للاعتكاف حين عرفه بقوله(10):
" الاعتكاف: تفريغ القلب عن شغل الدنيا وتسلم النفس إلى المولى، وقيل: الاعتكاف والعكوف: الإقامة، معناه: لا أبرح عن بابك حتى تغفر لي "·
أين اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم ولو شئت أن تعرف الموضع الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فيه، فقد قال نافع مولى ابن عمر: " وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فيه من المسجد "(11)·
نعم! هذا هو اتباع الأثر ، وتعقب السنَّة ، واقتفاء السبيل ، وهذا هو طريق الهدي وأصل الفلاح ·
وهذا المكان تحدده رواية ابن ماجه عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اعتكف طرح له فراشه، أو يوضع له سريره وراء " إسطوانة التوبة "(12)· وهذا حديث حسن جداً، قال عنه البوصيري: " هذا إسناد صحيح رجاله موثوقون " (13)· واسطوانة التوبة هي التي تاب عندها أبو لباية ـ وهو رفاعة بن عبد المنذر ـ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وكان حليفاً لبني قريظة، فأشار إليهم بما أفهمهم حكم النبي فيهم، وهو الذبح ، فأراد أن يتوب، فانطلق إلى المسجد وربط نفسه باسطوانة من أساطينه بضع عشرة ليلة حتى تاب الله عنه وأطلقه النبي صلى الله عليه وسلم(14)·
وهذه الاسطوانة هي الرابعة من ناحية المنبر، فهي تلي اسطوانة عائشة من جهة المشرق بلا فاصل ، وهي الثانية من ناحية القبر ، والثالثة من ناحية القبلة ، وشرقي هذه الاسطوانة تقع اسطوانة أخرى اسمها " اسطوانة السرير "، ذكر أن سرير النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع عندها ـ حتى ظن ابن فرحون أن هذه الاسطوانة هي عينها اسطوانة التوبة(15)، لكن يبدو أن السرير كان يوضع بين الاسطوانتين ، لأنه كان يوضع "وراء اسطوانة التوبة " يعني أمام الاسطوانة الشرقية ، وهذا يجمع بين الاسمين· وقد يكون ما أورده صاحب الذخائر القدسية من أن النبي كان يعتكف وراء اسطوانة التوبة من ناحية القبلة يساعد على هذا الجمع بين التسميات(16)·
الخباء والخلوة الصحيحة ومعروف من خلال كتب الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف ضرب له خباء ، وهو قبة تشبه الخيمة ، وهذا أعون على الخلوة ، والانصراف إلى الله ، والانقطاع عن الشواغل الخارجية ، وفي هذا تمام السكينة بمناجاة الحق سبحانه ، ونستعير من الإمام ابن القيم هذه الكلمات التي يتحدث فيهن عن خلوة المعتكف بأن الله تعالى: " ··· شرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده ، وروحه عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته عليه ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق ، والاشتغال به وحده سبحانه ـ بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته ، فيستولي عليها بدلها ، ويصير الهم به كله ، والخطرات كلها بذكره ، والفكرة في تحصيل مراضيه··· فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق··· فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم "(17)·
ويقول القرطبي في المفهم: " في قبة تركية: هي قبة صغيرة من لبد "(18)·
ولا شك أن اختيار الخوص والحصير واللباد ـ مع وجود أنواع القماش ـ يوحي بالتقشف والتقلل من المتاع، وهذا مناسب للخلوة بالجليل سبحانه·
فأما خباء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يتخذه فهو " قبة تركية على سدتها قطعة حصير " على حد تعبير أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في صحيح ابن خزيمة(19)، ويفسر لنا الرواة ذلك بأنها قبة خوص بابها من حصير(20)·
وقت اعتكافه صلى الله عليه وسلم أما عن زمان اعتكافه صلى الله عليه وسلم فالثابت الذي لا ريب فيه ولا اختلاف أنه اعتكف في رمضان ، وأنه قضى الاعتكاف مرة في شوال ، وكذلك الثابت أن آخر الأمر هو اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان، وهو المستفاد من حديث عائشة الآنف ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى "·
إلا أن الأمر الذي تتداوله الرواة هو أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف أولاً في العشر الأوائل ، ثم في العشر الأوسط، يدل على ذلك حديث أبي سعيد عند ابن خزيمة والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان ، ثم اعتكف العشر والأوسط ـ وذلك التماساً لليلة القدر ـ فلما أوحى إليه أنها في العشر الأواخر مكث العشر الأواخر، ثم ظل على اعتكاف هؤلاء العشر حتى توفاه الله (21) ، ومثل هذا روي عن أم سلمة عند الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم، اعتكف أول سنة العشر الأول ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم اعتكف العشر الأواخر، وقال: "إني رأيت ليلة القدر فيها فأنسيتها "· فلم يزل يعتكف فيهن حتى قبض صلى الله عليه وسلم·(22)
وفي هذه الأحاديث ما يشعر بجد النبي وصحابته في طلب ليلة القدر، وفيه ملمح تربوي ، يلفت إلى جدية طلب الخيرات ، وعدم اليأس من البحث عن الهدى وتحري الفضائل ، وقد يستنتج منها حكم فقهي وهو اشتراط الصوم في صحة الاعتكاف ، وهو مذهب جماهير السلف وأكثر الصحابة ، وبه أخذ أبوحنيفة ومالك ، وهي الرواية المعتمدة عند المتأخرين من الحنابلة، وهو الصواب الذي نميل إليه(23)·
| |
|
مجدى سالم مراقب عام
عدد المساهمات : 457 POINT : 1010 تاريخ التسجيل : 08/08/2009
| موضوع: رد: ملف عن شهر الصوم المبارك.. { رمضان.. منجم الكنوز الثمينة السبت أغسطس 08, 2009 7:56 am | |
| [center] متى يدخل المعتكف؟ ومتى ي ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه "(24)·
وهذا لفظ صريح في أنه كان يدخل المعتكف بعد صلاة الفجر ـ لا قبلها، وفي وعند البخاري: " ··· فكنت أضرب له خباء، فيصلي الصبح خرج؟ ثم يدخله "(25)·
ومن ثمة ذهب الأوزاعي والليث وسفيان الثوري إلى الجزم بأن أول وقت دخول المعتكف هو بعد صلاة الصبح ، وعبارة ابن حجر تميل إليه ، ولفظ الحديث يسنده ، بل يستدعيه ، وذهب الأئمة الأربعة إلى أنه يدخل المعتكف قبيل غروب الشمس ، وأوَّلوا هذا الحديث على أنه أوان بدء الخلوة بالنفس لا دخول الاعتكاف ، ومنهم من فرَّق بين من نوى اعتكاف الأيام فيدخل بعد صلاة الصبح ، ومن نوى اعتكاف الليالي فيدخل قبل المغرب، وهذا هو المبثوث في أكثر كتب الفقه وشروح الحديث·
إلا أن المتأمل لا يجد اضطراراً لذلك التأول والمخالفة للظاهر ، فالاعتكاف عبادة ، ومدار العبادة على الاتباع للظاهر أو المفهوم ، وليس لاستدامة النظر مجال بحيث يؤول الحديث لمجرد الافتراض ، وقد بحثت عن حديث صحيح أو حسن أو ضعيف يصلح معه تأويل الحديث الصريح السابق فلم أجد إلا افتراض وجوب دخول النبي صلى الله عليه وسلم قبل الغروب ، " وإلا لما كان معتكفاً العشر بتمامه " ـ على حد تعبير المباركفوري في شرحه للترمذي·(26)
أقول: قد قنع السلف بظاهر الحديث ، وعبَّر الخطابي في شرح الحديث عن ذلك بقوله: " فيه من الفقه أن المعتكف يبتدئ أول النهار، ويدخل في معتكفه بعد أن يصلي الفجر · وإليه ذهب الأوزاعي، وبه قال أبو ثور·(27)
وقال مالك والشافعي وأحمد(28): يدخل في الاعتكاف قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر بعينه، وهو مذهب أصحاب الرأي (29)·
وتمسك بهذا الظاهر بعض المتأخرين ـ وأحسنوا ـ قال العلامة الصنعاني في "سبل السلام"(30) بعد ذكر الحديث: " ··· فيه دليل على أن وقت الاعتكاف بعد صلاة الفجر ، وهو ظاهر في ذلك ، وقد خالف فيه من قال إنه يدخل المسجد قبل طلوع الفجر إذا كان معتكفاً نهاراً ، وقبل غروب الشمس إذا كان معتكفاً ليلاً ، وأول الحديث بأنه كان يطلع الفجر وهو في المسجد ، ومن بعد صلاته الفجر يخلو بنفسه في المحل الذي أعده لاعتكافه· قلت: ولا يخفى بعده، فإنها كانت عادته، ألا يخرج من منزله إلا عند الإقامة انتهى كلام الصنعاني ، والحاصل أن تأول الحديث ، وتكلف فهمه على مقتضى النظر المجرد دون أن تسنده الرواية ليس من الصواب· والله أعلم·
وأما خروج النبي صلى الله عليه وسلم من معتكفه فلم أقف على شيء صحيح صريح في التوقيت ، إلا أنه يبدو أن السنَّة كانت الخروج من المعتكف إلى الصلاة ـ يعني صلاة العيد، قال إبراهيم: كانوا يحبون لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان أن يبيت ليلة الفطر في المسجد ثم يغدو من المسجد إلى المسجد·
الهدي النبوي في المعتكف وإذا ما علمنا القيمة التربوية للاعتكاف ، والمتعة الروحية في المعتكف ، فلا تسل عن السيرة النبوية في معتكفه ، إنه التعبير عن الشوق إلى الله واللجوء إلى حماه سبحانه ، والاشتغال به عمن سواه ، لا يخلو وقته عن عرض القرآن ومدارسته مع جبريل عليه السلام ، أو الصلاة وقراءة القرآن ، وألوان العبادة الروحية ، يشغله ذلك عن عيادة المريض وشهود الجنائز ، لأن " السنَّة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأته، ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة، إلا لما لابد منه "(31)· فإذا كان لابد له من عيادة مريض عاده ماراً عليه ـ دون أن يعرج عليه(32)، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، حتى إنه كان إذا أراد أن يمتشط أخرج رأسه من المعتكف إلى حجرة عائشة فمشطته، ولا يخرج بدنه·(33)
لذلك نقل ابن المنذر وغيره إجماع العلماء على جواز خروج المعتكف للبول والغائط ، وهي حاجة الإنسان (34)، وفي حكمه الطعام والشراب، إن لم يتمكن من أن يكلف غيره بذلك أو من اصطحابه في المسجد إن لم يؤذ المسجد أو المصلين بذلك·
إلا أن هذا العكوف المبارك لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من بعض المباحات التي فعلها تشريعاً لأمته وبياناً لجوازها ، مثل السمر مع ضيوفه ساعة بالنهار أو بالليل ـ وبخاصة زوجاته، فهو قد استقبل زوجه أم المؤمنين صفية بنت حيي، فسمرا معاً ساعة ، ثم قال لها: " لا تعجلي حتى انصرف معك، فمشى معها حتى بلغا باب المسجد "·
هذا على الأصح من الروايات ، وقد وهم جماعة فظنوا أنه خرج معها من المسجد ، وإنما توهموا ذلك لأن في الحديث: "···· وكان بيتها دار أسامة ، فخرج معها النبي صلى الله عليه وسلم فلقيهما رجل من الأنصار" ·
ففهموا من السياق أنهما خرجا معاً إلى دار أسامة بعيداً عن المسجد، وأن الأنصاريين لقياهما خارج المسجد(35)·لكن قال الحافظ: "··· ولكن لا دلالة فيه، لأنه لم يثبت أن منزل صفية كان بينه وبين المسجد فاصل زائد "·
والظاهر أن المراد بقوله: " دار أسامة " أنها الدار التي أصبحت بعد ذلك لأسامة بن زيد، لأن أسامة لم يكن له في هذا الوقت دار مستقلة(36)·
ثم وجدت الحافظ ابن خزيمة يترجم بابا من أبواب كتابه قائلاً: " باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بلغ مع صفية حين أراد قلبها إلى منزلها باب المسجد، لا أنه خرج من المسجد فردها إلى منزلها "(37)·
وذكر فيه حديثاً ـ لفظه عن البخاري أيضاً ـ وفيه: " حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند باب أم سلمة مر بها رجلان من الأنصار "(38)·
ولذلك ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: " باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟ "(39)·
قال الحافظ: "وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه ، والحديث مع غيره ، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة ، وزيارة المرأة لمعتكف "(40)·
ولم يختلف أحد في جواز الاشتغال بالمباحات بعض الوقت، لكن مع التأكيد أن الاعتكاف ـ في أصله ـ خلوة بالله تعالى، فينبغي أن يقلل المرء مما يشغله عن ربه، وهذا كان دأب النبي صلى الله عليه وسلم·
ويستفاد من الأحاديث الصحيحة المروية في اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقود المعتكفين إلى الخير ، ولا يمنعه اعتكافه من أمرهم بالمعروف ، وتعريفهم بالصواب ، فقد روى الإمام أحمد وغيره أن الصحابة ـ وهم معتكفون مع النبي قرأوا القرآن ، فكل منهم قرأه بصوت مرتفع ، فأخرج النبي رأسه من خبائه : وقال لهم : " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً ، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة "(41)·
وهذا يدل على أن القائد لا يتخلى عن موضع القيادة ، والدأب في مصلحة أصحابه حتى في لحظات الخلوة بربه ، لأن أبواب الخير لا يدفع بعضها بعضاً ، وإنما يشد بعضها بعضاً ·
نفحات أخرى ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتابع أصحابه المعتكفين ، يتركهم يفعلون المباح ، ولا يحجر عليهم في ذلك ، فهم يضعون متاعهم في المسجد ما لم يؤذوا به المصلين(42)، وهو لا يكف عن تحميسهم على القيام والتهجد ، وتحبيب ذلك لهم ، ويعمل من الأعمال ما يبشرهم به ، فهو يصف لهم ليلة القدر نفسها، فيما روي عنه بأنها " ليلة طلقة بلجة، لا حارة ولا باردة "(43)، ويخبرهم بشمس صبيحتها بأنها تطلع لا شعاع لها، مثل الطست ـ حتى ترتفع(44)·
بل ربما تحرى هو أن ينظر إلى القمر، فيقول لهم: " خرجت حين بزغ القمر، كأنه فلق جفنة " ثم يقول: " الليلة ليلة القدر "(45)·
وقد يجد أن من واجبات التربية وضرورات التوجيه أن يلغي اعتكافه الذي شرعه ليكون لإلغاء اعتكافه أثر في نفوس من يريد الاعتبار، فقد شرع في اعتكافه عاماً ، فضرب قبته ، فاستأذنته عائشة ، فأذن لها ، فضربت لها قبة ، فما لبث نساؤه أن عرفن ذلك، فتوافدن إلى المسجد ، كل تضرب لها قبة ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، استشعر أن دافعهن هو الغيرة ، والمسابقة في القرب منه صلى الله عليه وسلم، فقال لهن: " آلبر تردن؟ " فنقض اعتكافه ذلك الشهر، وأمرهن أن ينقضن أخبيتهن ، ثم اعتكف في شوال، ولم يرد أنهن اعتكفن معه·(46)·
قال النووي: " وسبب إنكاره أنه كره أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف ، بل أردن القرب منه لغيرتهن عليه "·(47)
أقول: وإنما لم يكتف بالتوجيه ، أو بأمرهن أن ينقضن اعتكافهن وحسب ، لأهمية هذا التوجيه ، وخطورة هذه الخطوة التي أقدمن عليها من حيث دوافعها ، فأراد أن يحدث مقابل ذلك حدثاً باقي الأثر ، قوي الدلالة ، وهو نقضه هو نفسه الاعتكاف ، وفي هذا مبالغة في التوجيه عند موقف يستحق هذه المبالغة ، لأنه يتعلق بإخلاص العبادة لله تعالى ، وهو المحور الذي تدور حوله قلوب الموحدين·
قال الحافظ: " وفيه ـ أي الحديث ـ شؤم الغيرة، لأنها ناشئة عن الحسد المفضي إلى ترك الأفضل لأجله وفيه ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة، وأن من خشي على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه "·
قضاء الاعتكاف ومضاعفته إلا أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في الأعمال تظهر خلقاً واضحاً ، وسلوكاً دائماً ، تجاه العمل الصالح ، وهو محبته صلى الله عليه وسلم المداومة على الصالحات ، ومواصلة القربات· من ثمة رأيناه إذا عمل من الصالحات عملاً ـ وإن كان مستحباً لا واجباً ـ داوم عليه ، فإن تركه لعذر قضاه ، والاعتكاف أحد الأمثلة الواضحة على هذا الهدي النبوي الكريم ، فالحديث السابق يذكر أنه صلى الله عليه وسلم لما نقض اعتكافه في العشر الأخيرة من رمضان قضاه في شوال ، وقد صنع ذلك كلما اضطر إلى ترك الاعتكاف ، فروى الترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف عاماً في رمضان فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين(48) والظاهر أن سبب تركه للاعتكاف هذا العام كان لعذر السفر ، فقدر روى النسائي وابن حبان رواية واضحة في ذلك عن أبي بن كعب: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاماً فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوماً "(49)· ومثله حديث أنس ـ عنده ـ أنه صلى الله عليه وسلم إذا كان مقيماً اعتكف العشر، فإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين(50)·
هذا هو دأب النبي الكريم في كل العبادات ، وهو مشعر بمدى وده صلى الله عليه وسلم للعبادة ، وحرصه على اتصاله بها ، واتصالها به ، وتفانيه في العطاء من نفسه لرضا ربه ، وفيه ما فيه من الزاد لمن خلفه من المحبين ، وورثة علمه من العاملين المخلصين·
| |
|