<H3>علاء صادق</H3>
الخميس، 8 أكتوبر 2009 - 19:12
var addthis_pub="tonyawad";
يعيش الكثيرون من الجهلاء والأغبياء فى دائرة ضيقة من الأفق بسبب تعصبهم للأشياء التى يحبونها على كل الأصعدة.
والرياضة أحد الشئون الغارقة فى التعصب سواء للدول أو للأندية واللاعبين والنجوم فى كل الدول لاسيما المتدنية ثقافياً.
وما حدث مؤخرا فى قضية اللاعب الشاب أحمد فتحى بوجى نجم منتخب مصر للشباب دون 20 عاماً يعكس الآفاق الضيقة للمتعصبين فى كرة القدم المصرية.
بوجى كان احتياطياً فى مباراتى مصر الأولى والثانية فى المونديال الرائع المقام فى ربوع أرض الكنانة وبين جمهورها العظيم.. ولم ينل المهاجم الشاب فرصته الكاملة للعب وفقا لوجهة نظر الجهاز الفنى للمنتخب.. وعندما ضاقت الظروف فى المباراة الثالثة ضد إيطاليا دفع به الجهاز الفنى فى منتصف الشوط الثانى بدلاً من محمد طلعت.. وفور نزوله وقفت الأقدار بجواره وكان حظه سعيداً عندما تهيأت له الكرة على رأسه تماماً وعلى مسافة ثلاثة أمتار فقط من المرمى بلا أى رقابة أو ضغط من لاعبى إيطاليا.. وأودع الكرة بكل سهولة ويسر فى المرمى محرزاً الهدف الثالث وهو هدف الفوز المرتقب.
إلى هنا كانت كل الأمور طبيعية والفرحة طاغية عند الجميع، إلا بوجى نفسه صاحب الهدف، كان الشخص الوحيد فى مصر غير السعيد بالهدف، شمله غضب عارم من الجهاز الفنى الذى لم يمنحه الفرصة باكرا.
وقرر بوجى وعلى طريقته الخاصة الانتقام من الجهاز الفنى، واتجه بكل سرعة وغضب صوب الجهاز الفنى. ولحسن حظه أدرك زملاؤه ذلك الغضب واندفعوا نحوه بأقصى سرعة لمنعه من الذهاب إلى مقاعد الجهاز الفنى وحمايته أولاً من نفسه.
وتمكن اللاعبون بعد مقاومة هائلة من بوجى الثائر من منعه من الاتجاه نحو الجهاز الفنى لمنتخب مصر.. وأبقوه فى الملعب بعيداً عن مدربيه حتى أعادوه إلى دائرة وسط الملعب فى انتظار ضربة البداية للفريق الإيطالى.
وقبل ثوان قليلة من تنفيذ الإيطاليين لضربة البداية واستئناف اللعب تركه زملاؤه للاتجاه إلى مواقعهم فى الملعب تمهيداً لاستئناف اللقاء.. وهنا وجد بوجى نفسه وحيداً ونفث عن غضبه بعبارة بالغة السفالة وبكل أسف كان وجهه على الشاشة وحيداً وواضحاً.. وسمعه الملايين وهو يسب مدربيه جميعا بكلمتين لا يمكن لإنسان عاقل أن يقبلهما.. ولو فكر أى مدرب فى منتخب مصر فى واقعة السب وقرر مقاضاته على تلك الكلمتين لنال منه تعويضا كبيراً.
ولو سمعه أى حكم عربى يعرف معنى الكلمتين لطرده من الملعب على الفور.. ولو شمل تقريره الكلمتين لتعرض اللاعب لإيقاف طويل من الجهة المنظمة.
المهم سب بوجى مدربيه على مرأى ومسمع من العالم.. والأمور واضحة ومؤكدة ومسجلة وهى وثيقة لا تحتمل التلفيق.
ماذا حدث بعد ذلك؟
هنا مربط الفرس.
انقسم المجتمع الرياضى إلى كتلتين.. الأولى تطالب بعقوبة رادعة تتناسب وحجم الخطأ ليكون اللاعب عبرة للآخرين حتى لو كان ذلك على حساب الجانب الرياضى والفوز بالمباريات.
والكتلة الثانية وهى الأكثر عدداً بكل أسف..
الأكثر عدداً لأنها ضمت ثلاث جبهات متنافرة.
بينها من هم مستفيدون من استمراره فى المباريات مع المنتخب بغض النظر عن أفعاله.. وهم من أعضاء اتحاد الكرة أو الجهاز الفنى أو المرتبطين بالمنتخب على سبيل المصلحة.
وجبهة أخرى لا تعرف العيب ولا تهتم بالخروج عن الأدب طالما أننا نستفيد من اللاعب، ومن الممكن أن يقودنا للفوز فى المباريات المقبلة.
والجبهة الثالثة من المتعصبين المنتمين لنادى الزمالك الذى انتقل إليه اللاعب من نادى القناة قبل أسبوعين فقط.
وهو ما يعنى أن اللاعب لم يرتد قميص الزمالك حتى الآن ولم يمثله فى أى مباراة ودية أو رسمية بل ولم يتدرب أساساً معه.. ولكن التعصب الأعمى يقودهم للدفاع عن اللاعب.
وكم كان الأمر محزنا عند الاستماع للتصريحات الرسمية الصادرة من عدد من المسئولين الرسميين فى اتحاد الكرة والجهاز الفنى للمنتخب ومدربى الزمالك.. والجميع يتبارون فى الدفاع عن التصرف المؤسف للاعب ويبحثون له عن الأعذار لمجرد أنه كان احتياطياً.
وهكذا أعطى مسئولون رسميون فى مصر حقوقا إضافية لكل لاعب احتياطى فى أى منتخب أو أى ناد فى مصر.
بات من حق اللاعب الاحتياطى اليوم أن يسب مدربه إذا وضعه بجواره لمباراة أو أكثر أو إذا تأخر فى إشراكه فى المباريات.
ياللهول.
قانون الغاب يتم تعميمه واعتماده وترسيخه وتوثيقه فى الرياضة المصرية.. والكل شاهد على محاولات الخروج عن الروح الرياضية دون أن يحرك المسئولون ساكناً.
الاحتياطيون فى المباريات الرياضية أصبحوا فوق القانون.
والمدربون أصبحوا ضحايا لسباب الاحتياطيين فى ظل النظام الجديد.
وفى النهاية قرر سمير زاهر رئيس مجلس إدارة اتحاد كرة القدم معاقبة اللاعب على الخطأ الجسيم.
وأعلن على الملأ أن العقوبة ستكون مالية ومغلظة ولكنها لن تشمل أى إيقاف بشرط ألا يكرر الخطأ مرة أخرى.
ولكن التكرار ممكن من لاعبين آخرين بشرط أن يكونوا احتياطيين.
الرياضة انحرفت فى مصرنا الحبيبة.
ولا نملك إلا القول.. عليها وعلينا السلام.